اعتاد عبد الرحيم المغترب في المملكة العربية السعودية الاتصال بشقيقته منى كل عدة أيام ليطمئن عن أحوالها وأحوال أولادها، وازدادت هذه الاتصالات لتصبح يومية وفي بعض الأحيان عدة مرات وذلك بعد الهجوم الأسدي على باب عمرو في حمص.
منى ابنة الخمس وثلاثين ربيعاً وأم لأربعة أطفال كانت أكثر ما يشغل بال عبد الرحيم في غربته.
اتصل بها ذلك اليوم وما إن ردت عليه حتى بدأت بالبكاء، كان بكاؤها لايتوقف وقد اختلط بأصوات الرصاص، فلم يسمع منها سوى كلماتٍ قليلة… لايوجد عندنا خبز…الأولاد جائعين كثيرا … للآن لم يتناول أولادي الفطور والساعة تقترب من الواحدة ظهراً..
سأل عبد الرحيم عن أحوال زوجها خالد: جاوبت منى “لسا ما منعرف عنو خبر”وانتهت المكالمة دون سابق إنذار.
هكذا خرجت منى صباح يوم الثلاثاء الماضي ..تركت وراءها ثلاثة أطفال في البيت على مائدة الإفطار, الساعة الواحدة ظهرا ولم تعد منى ..إبريق الشاي ملّ الانتظار يا منى !! و صحن المكدوس الحمصي بات يشكو الوحدة ….و أطفالك الصغار هناك مازالوا حائرين .. أماه لم نعد نريد خبزاً ..عودي إلينا !!
بعد عدة أيام وجدوا منى في بستان من بساتين بابا عمرو ورصاصة الغدر الأسدية استقرت في صدرها.. وما زالت تحتضن رغيف خبز كانت تأمل أن يصل إلى أطفالها … رغيف خبز وبحيرة دم …هذا كل ما تبقى من منى ….نبكيك يا منى دمعاً مدراراً … رحمك الله يا أختاه .